5.06.2010

سر السعادة

حدث أن أرسل أحد التجار أبناءه لتعلم سر السعادة على يد أحكم حكماء الأرض. وقضى الفتى الشاب 40 يوماً بين دروب الصحراء حتى وصل إلى قلعة جميلة تقع على قمة أحد الجبال حيث كان يعيش الحكيم الذي كان يبحث عنه الشاب.

غير أنه بدلاً من أن يجد الشخص الذي كان يرسمه في مخيلته، دخل بطلنا إحدى الغرف وشاهد قدراً كبيراً من الجلبة والنشاط وعدداً كبيراً من التجار يدخلون ويخرجون وأناساً يتجاذبون أطراف الحديث في مختلف أركان الغرفة وأوركسترا صغيرة تعزف بعض الألحان الخفيفة. كانت هناك مائدة تضم أشهى وأطيب الأطعمة المعروفة بها تلك المنطقة.

كان الرجل الحكيم يتحدث إلى الجميع، مما دفع بالشاب إلى الانتظار ساعتين حتى يقابل الشخص الذي قطع من أجله ألوف الأميال. بقدر كبير من الإنصات استمع الحكيم لسبب زيارة الشاب، ثم قال له إنه ليس لديه الوقت الكافي ليقول له سر السعادة. واقترح عليه أن يقوم بجولة حول القصر ثم يأتي إليه بعد ساعتين. ثم قال له: «أريد أن أطلب منك معروفاً». ثم أعطى له ملعقة شاي وضع فيها قطرتي زيت. وقال للشاب: «أثناء مشيك احمل هذه الملعقة ولا تدع الزيت يسقط منها».

أخذ الشاب يصعد وينزل الدرج مركزاً بصره على الملعقة حتى لا يسقط منها الزيت. وبعد انتهاء الساعتين عاد إلى الحكيم. سأله الحكيم: «إذاً: هل رأيت المنسوجات الفارسية الموجودة في غرفة الطعام؟ هل رأيت الحديقة التي احتاج كبير المزارعين إلى 10 سنوات ليجعلها على ما هي عليه الآن من جمال؟ هل لاحظت الوثائق القديمة الموجودة في مكتبتي؟». وظهرت علامات الحيرة على الشاب الذي أجاب أنه لم يشاهد أي شيء. فقد كان همه الوحيد هو المحافظة على الزيت الموجود على الملعقة كما قال له الحكيم.

فقال له الحكيم: «إذن عُد لتشاهد عجائب عالمي. فأنت لا تستطيع الوثوق برجل لا تعرف منزله». الآن وبعد أن شعر ببعض الراحة أخذ الشاب الملعقة وتجول ثانية في القصر، واضعاً نصب أعينه هذه المرة الاهتمام بكل ما يتدلى من أسقف وحوائط القصر. فقد شاهد الحدائق والجبال الموجودة حول القصر وجمال الزهور والذوق الذي صُنع به كل عمل فني ملحق بالقصر. ثم عاد إلى الحكيم وقص له عما رآه.

غير أن الحكيم سأله: لكن أين قطرتا الزيت اللتان ائتمنتك عليهما؟». فنظر الشاب إلى قطرتي الزيت فوجدهما قد سقطتا. فقال له الحكيم: «حسناً فهذه هي نصيحتي التي أمنحك إياها: إن سر السعادة هو أن تنظر إلى كل عجائب الدنيا وفي الوقت نفسه لا تنس مطلقاً قطرتي الزيت في الملعقة».

باولو كويلو ….. من رواية الخيميائي

0 التعليقات:

إرسال تعليق