8.16.2010

البيت المسلم و القوارير المهشمة!!

تهميش، تراشق بالكلمات، إمتهان، ضرب و تعالي، كلها ملامح مختلفة للعنف ضد المرأة سواءاً كانت هذه المرأة أماً، زوجة، ابنة أو حتى أختاً حكمتهم ظروف الحياة أن يكونو تحت سلطة رجل لا يخاف الله يحطمها و يهشم كينونتها! العنف ليس محصوراً في أن يترك الطرف المعنِّفُ كدمات و جروح على جسد الضحية بل العنف له أشكال و طرائق كثيرة أشد من العنف الجسدي، فالعنف معنوي و لفظي أيضاً. العنف اللفظي متصلٌ بشكل كبير بالعنف المعنوي فهو يؤذي المرأة كثيراً حيث قد يكون قدحاً في شرفها، جحوداً لمعروفها، شتم لها و لأهلها أو حتى ذم في جمالها و شكلها. و للأسف أنه يفترض منها أن لا تدافع عن نفسها حتى لو كان بالكلام فقط، فالمرأة “العاقلة” هي التي لا ترد على الإهانات وتحافظ على بيتها!!

تمر سنوات طويلة وهذه المرأة في صراع مابين نفسها التي تأبى الضيم و مابين املاءات المجتمع التي لا ترحم، فلا هي التي اخذت حقها ولا هي التي حافظت على بيتها! و يسهم العرف في كثير من الأحيان بـ تكريس ثقافة الظلم و التعدي بحرمان المرأة من حق أساسي وهو الدفاع عن نفسها بأي شكل أرادته طالما يندرج تحت القانون والشرع، و تزداد المشكلة تعقيداً في ظل افتقار العالم الإسلامي و خاصة العربي إلى قوانين رادعة إذا ماتعرضت المرأة للعنف بل من المحزن أنها إذا ما تعرضت للضرب بشكل مقزز ومريع و حاولت أن ترفع قضية او حتى شكوى ضد من اعتدى عليها يقوم اهلها بمنعها بحجة ان “الناس بتتكلم”، وهل تخطيء عندما تطالب بحقها الذي منحها إياه رب العالمين !

العنف المعنوي أيضاً يتخذ أشكال كثيرة كحرمان المرأة من التعليم في حال توفره بحجج واهية كثيرة مما يجعلها تشعر بالدونية دائماً في عصر أصبح التعليم فيه كالماء و الهواء وما الضير في أن تتعلم المرأة أليست هي التي ستربي الأجيال؟! و قد يكون بحرمانها من تنمية مواهبها في حال توفر الظروف الممكنة لذلك مما يخلق منها نفسية محطمة غير قادرة على الإنتاج و لا حتى التربية فيكون الطرف الآخر ساهم في كبت طاقاتها التي ستسهم بشكل كبير في تطويرها و تطوير من حولها من بنات جنسها او ربما أبنائها و زوجها وبيتها.

في نظري السبب الرئيسي للعنف ضد المرأة هو الجهل بديننا العظيم و للأسف يوجد بيننا كثيرون ممن يجهلون كيف دأبت الآيات الكريمات على التذكير بالرفق بالمرأة والدلائل على ذلك كثيرة، و يجهل كثيرون كيف وصّى الرسول الأكرم عليه اشرف الصلاة والتسليم بالمرأة. بل كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له ، فحدا الحادي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ارفق يا أنجشة ، ويحك ، بالقوارير) رواه أنس بن مالك و صححه البخاري (رقم الحديث (6209حتى لا تهتز الجمال و عليها النساء، فإذا كانت المرأة تتأذى من سرعة الجمال و اهتزازها فـ كيف بها تتحمل الضرب و الإهانات و التهميش! حواء خلقت من ضلع آدم لحكمة يعلمها رب العالمين، فلم تخلق من قدمه حتى لا يطأها ولا من رأسه فتعلو عليه بل من ضلعه حتى تكون قريبة من قلبه فيحبها، وبين يديه فيحميها ! بل أن رسول الله عليه الصلاة والسلام ذكر لنا طبيعة حساسية المرأة و طريقة تفكيرها التي تحكمها في كثير من الأحيان عاطفتها حتى يفطن من حولها لأمثل الطرق لمعاملتها فـعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استوصوا بالنساء ، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء” صححه البخاري (رقم الحديث ٣٣٣١) إيذاء المرأة قد يكون بتهميشها و عدم تفهم حالتها عندما تمر بحالات عاطفية صعبة في حيضها و حملها و ولادتها و نفاسها و تتأثر بتأثر هرمونات جسدها الضعيف، والمرأة بطبيعتها لا تحتمل أن تكون جماداً مستعملاً للطهي و الحمل و الولادة و تربية العيال، بل هي بحاجة لرجل يسندها و يحميها و يداري مشاعرها ويمنحها الحب و الأمان و العاطفة، هي بحاجة لكلمة شكراً، لكلمة حلوه تمنحها دفعة أمل كي تعطي و تمنح من حولها، هي بحاجة إلى ان تشعر بأهميتها و دورها و فاعليتها!

في الحقيقة، لا يحق لأي رجل كان أن يهين المرأة و يمتهن كرامتها و حقوقها بل حتى و إن أخطأت يعاقبها في حدود الشرع كما جاء في خطبة الوداع عن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم: “….ألا واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنما هن عوان عندكم ، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا . ألا وإن لكم على نسائكم حقا ، ولنسائكم عليكم حقا ، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون . ألا وإن حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن” حسن صحيح من سنن الترمذي (رقم الحديث 3087)

سمعنا و شاهدنا من قصص النساء المهشمات ما يكفي سواءاً بعنف جسدي ترك على أجسادهن كدمات وتشوهات لا يمحوها الزمن، أو بإهانات لفظية لا يحتملها إنسان، أو بهجر و تقصير في حقوقها، أو ببخل بكسوتها و إسعادها و القصص كثيرة! ولكن العبرة لمن يعتبر..! في بيوت مسلمة كثيرة توجد قارورة مهشمة ، أو ربما مخدوشة ولا بد من وقفة قوية ضد العنف بشتى انواعه و طرقه، وذلك يكون بالتوعية العامة بحرمة هذا العنف، و العودة إلى ديننا الحنيف فقد جعل لنا طرقاً منهجية في علاج كل معضلة تمر بنا. العلاج الحقيقي لمشكلة العنف ضد المرأة يكون بتوعية المرأة أولاً كيف تحمي نفسها و حقوقها و نفسيتها من أي إعتداء قد ينال منها. كذلك القوانين في بلادنا العربية و الإسلامية يجب أن تكون صارمة و منصفة حتى لا تضيع المجتمعات في دوامة عنف لا ينتهي فالعنف من الرجل ضد المرأة يولّد عنفاً من نوع جديد في الأجيال التي ستنجبها المرأة و الرجل!

“همسة”

معاً حتى لا تتهشم مزيداً من القوارير !

بقلم الأخت المبدعة "حمدة عبدا"

0 التعليقات:

إرسال تعليق